ليست الحكومة السورية الجهة الوحيدة التي تشهد مظهرات مستمرة ضد حكمها، بل قامت مظاهرات كبيرة ضد سياسات هيئة تحرير الشام في مناطق ادلب وما حولها على مر الأشهر الثلاثة الماضية. يذكر أنّ الهيئة هي الفصيل المهيمن في هذه المناطق وتسلط عليها من خلال قواتها العسكرية ومؤسسات مستقلة شكلياً مثل حكومة الانقاذ وجهاز الأمن العام. واستمر هذا الوضع في مناطق ادلب وما حولها منذ عام ٢٠٢٠ بسبب وقف اطلاق النار الذي توافقت عليه تركيا وروسيا.
في اي مناطق انتشرت المظاهرات؟ ما هي أسباب المظاهرات؟ وما هي المظالم والمطالب؟ وكيف ردت الهيئة على المظاهرات؟ من أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع اقدم لكم مقابلة أجريتها مع أبي محمد نصر وهو من حلب أصلا وينتقد سياسات قائد هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني. ويقول أبو محمد نصر إنّه "ثائر من ثوار حلب."
١. منذ اي وقت استمرت المظاهرات في الشمال وفي اي مناطق انتشرت وهذه المظاهرات عبارة عن حشود كبيرة؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد اشتدت وتيرة المظاهرات منذ ثلاثة أشهر، طبعا قبل الأشهر الثلاثة الأخيرة كان هناك مظاهرات تخرج في بعض المناطق للمطالبة بإخراج المعتقلين وهناك مطالب أخرى، لكن بالنسبة للحراك الشعبي الأخير فقد انطلقت مظاهرته الأولى بتاريخ 25/2/2024
أما عن الحشود فهناك حشود كبيرة تخرج في إدلب وبنش، وتفتناز والفوعة وفي مناطق أخرى، وفي الفترة الأخيرة أصبحت المظاهرة المركزية تخرج وسط مدينة إدلب عند ساحة الساعة، وهذه المظاهرة يخرج فيها أعداد كبيرة تقدر بالآلاف، ويتزامن ذلك مع خروج المظاهرات في باقي المدن والبلدات، والمظاهرات التي خرجت لم تنادي بإسقاط الهيئة، وليست مشكلتها مع جنود الهيئة المرابطين على الثغور، بل لها مطالب أربعة معلومة للجميع.
٢. ما هي الاسباب الرئيسية للمظاهرات؟ بعبارة أخرى ما هي أهم المظالم؟ وهل صارت المطالب بمثابة دعوة الى اسقاط حكومة الجولاني؟
الأسباب الرئيسية كثيرة، ومنها الظلم المنتشر، واعتقال الثوار والصادقين والمشايخ وتعذيبهم دون وجه حق، والاستبداد والطغيان المتمثل بحكم الفرد، والفشل على كافة الأصعدة، والقضاء المسيس، والشورى الشكلية التي تعمل على تثبيت أركان الظلم، وتسلط الجولاني على قيادة المحرر بشكل غير شرعي، ويبقى السبب الأخير لخروج المظاهرات هو قضية العملاء الأبرياء، ومقتل المجاهد عبد القادر الحكيم التابع لجيش الأحرار داخل سجون الجولاني، والذي قتل تحت التعذيب في سجون جهاز الأمن العام بتهمة العمالة ثم ظهرت براءته بعد مقتله، وبعد كل ما ذكرنا خرجت المظاهرات واتفق الثوار على مطالب أربعة وهي:
1_إسقاط الجولاني
2_حل جهاز الظلم العام
3_إخراج المعتقلين المظلومين ومعتقلي الرأي من سجون الجولاني
4_تشكيل مجلس شورى حقيقي لإدارة المحرر
ولأن السبب في كل ما يحصل هو الجولاني كان مطلب الشعب الأول هو إسقاطه
٣. يقول بعض المناصرين للجولاني أنّ المظاهرات تشارك فيها فصائل أخرى مثل حزب التحرير وجيش الأحرار وحراس الدين. هل لهذا الكلام صلة بما يجري على أرض الواقع؟ ويقول البعض أنّ تركيا تحاول أن تضغط على الهيئة حتى تخضع لها مثل "الجيش الوطني السوري". ما رايك في ذلك؟
من الطبيعي مشاركة بعض منتسبي الفصائل، وحزب التحرير في المظاهرات، كونهم تعرضوا للظلم والقهر والاعتقال والقتل على يد الجولاني وجهاز ظلمه العام، ولكن هم "جزء من كل"، فالحراك الأخير هو حراك شعبي بامتياز، والقائمين عليه هم من خيرة الثوار والأكاديميين والشرعيين المشهود لهم بالثورية، ومنتسبي الفصائل والأحزاب هم جزء من الشعب ولهم مطالب وحقوق ومظالم أيضا، فهل من حق الجولاني الظلم والاعتقال والقتل، وليس من حق أتباع الفصائل المطالبة بحقوقهم؟؟
أما بالنسبة للضغط على الهيئة حتى تخضع، فليس للحراك الشعبي أي صلة بذلك، فالشعب ليس مطية لأحد، ولا يخدم أجندة أحد، والكل يعلم أن الجولاني يقدم الخدمات والتنازلات للجميع دون ضغوط، فمن المستبعد أن يكون الحراك الشعبي ورقة ضغط عليه.
٤. كيف ردت الهيئة على المظاهرات؟ هناك كلام عن اصلاح. تتوقع اي شيء من تلك الناحية؟ ما كانت اهم التغيرات في نظام الادارة قبل انذلاع المظاهرات؟
الأصح أن نقول كيف رد الجولاني على المظاهرات، طبعا حاول الالتفاف على المظاهرات وأطلق الوعود بالإصلاح، ولكن هذه الوعود كاذبة، فالإصلاحات التي قام بها هي إصلاحات "شكلية" الهدف منها استمرار تسلطه على المحرر، واستمرار الظلم والطغيان والفساد، وبعد أن عجز عن إسكات الشعب بالوعود الكاذبة، لجأ إلى القوة والعنف والقمع، وكان بداية الأمر عندما قام عناصر الجولاني بفض الاعتصام أمام المحكمة العسكرية بالقوة، وتم ضرب الشيخ أبو الوليد الحنفي على رأسه في محاولة لقتله، وهو أحد الرموز الشرعية للحراك الشعبي، وتم ضرب وإهانة الرجال والنساء، وكان الاعتصام للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وفي الجمعة الماضية والتي كانت تحت مسمى "إرهابكم ليس يكسر إرادتنا" استنفر الجولاني جنوده، وقطّع أوصال المدن والبلدات، وجهز أدوات القمع وذلك من أجل منع خروج الناس بالمظاهرات، ولكن المظاهرات خرجت بفضل الله تعالى، وحاول المتظاهرون الخروج من "بنش" وغيرها للوصول إلى المظاهرة المركزية في إدلب، ولكن جنود الجولاني كانوا لهم بالمرصاد، فتم ضرب المتظاهرين على أطراف بنش بالعصي والسكاكين ودهسهم بالمصفحات، كما كان النظام المجرم يفعل عند خروج المظاهرات ضده، وكل هذا موثق بفيديوهات لدى الثوار، وتم اعتقال الشيخ أبو الوليد الحنفي، والدكتور فاروق كشكش، والدكتور فاروق رمز من الرموز الأكاديمية في الحراك، ثم بعد ذلك تم إطلاق سراحهما، والحمد لله أن كل محاولات قمع المظاهرات باءت بالفشل
أما عن التغيرات في نظام الإدارة قبل المظاهرات وبعد المظاهرات واحد، فهو عبارة عن "حبر على ورق" لا أكثر، تصدر القرارات وتصدر الإصلاحات ولكن على أرض الواقع لا يُطبق منها شيء، وكما ذكرت لك أنها وعود كاذبة يطلقها الجولاني من أجل بقائه على رأس السلطة
٥. ما هي رسالتك الى الهيئة والمتظاهرين؟
رسالتي إلى جنود الهيئة المرابطين على الثغور، الناس لم تخرج من أجل إسقاطكم فأنتم منا ونحن منكم، بل خرجت لإسقاط الجولاني ومن معه من المفسدين، حتى أنتم لم تسلموا من ظلم جهاز الأمن العام، الذي اعتقلكم واتهمكم بالعمالة، فكونوا مع إخوانكم في الحراك الشعبي، فالخير كل الخير في إسقاط الظلم والفساد والطغيان ونشر العدل والخير في أن يكون الجميع في خندق واحد من أجل تحقيق أهداف ثورتنا وعلى رأس الأهداف إسقاط النظام المجرم
وأما رسالتي لإخواني المتظاهرين في الحراك الشعبي، كونوا على قلب واحد وفي صف واحد، وإياكم والتخلي عن أي مطلب من المطالب الأربعة والتي هي إسقاط الجولاني، وحل جهاز الظلم العام، وإخراج المعتقلين المظلومين من السجون، وتشكيل مجلس شورى حقيقي، فالتخلي عن أي مطلب من هذه المطالب هو استمرار للقمع والظلم والاعتقال والاستبداد والحمد لله رب العالمين