في حين أنّ قوات الاسد فقدت سيطرتها على حلب وحماه أمام تقدم الفصائل العسكرية بقيادة "هيئة تحرير الشام"، واجهت هذه القوات انتفاضة في جنوب سوريا، مما ساهم في انهيار النظام. شاركت في هذه الانتفاضة عدة فصائل محلية وهي شكلت ما يسمى ب"غرفة العمليات المشتركة" التي فككت الاجهزة الأمنية والعسكرية للنظام في المحافظة بشكل نهائي، وتولت الملف الأمني في المحافظة. وتتسمى هذه الغرفة ب"ادارة العمليات العسكرية في السويداء"، مما قد يشير الى ارتباط شكلي ب"ادارة العمليات العسكرية" التي تقودها هيئة تحرير وهي أصبحت مسؤولة بشكل رسمي عن الأمن في معظم المناطق التي سيطرت عليها قوات المعارضة. ولكن "غرفة العمليات المشتركة" في السويداء هي مستقلة عن "ادارة العمليات العسكرية" التي تقودها الهيئة.
ومن أجل نقاش "غرفة العمليات المشتركة" ودورها في الأحداث الأخيرة بالسويداء، وكذلك مسألة دخول الجيش الإسرائيلي الى الأراضي السورية وراء الجولان المحتل، أقدم لكم مقابلة مع أشرف جمول من مرتبات "فزعة شباب الجبل" وغرفة العمليات المشتركة، علما أنّني أجريت مقابلة معه السنة الماضية عندما انطلقت المظاهرات الشعبية ضد النظام في السويداء.
س: بالطبع أطلقت الفصائل في الشمال حملة عسكرية ضد النظام أولاً من ثم بدأت الحركة في الجنوب. كان هناك تواصل وتنسيق بينكم وبين الفصائل في الشمال من أجل إطلاق معركة كبرى ضد النظام، أو كان الأمر عبارة عن استغلال فرصة؟
ج: أخي الكريم، بالنسبة للحملة العسكرية ضد النظام في الشمال، كنا نجهز أيضاً حملة عسكرية في المنطقة الجنوبية ضد النظام. فيما يخص التواصل والتنسيق، فما كان هناك هذا الشيء بشكل مباشر، لكن ما ان قام النظام بتصعيد حتى قامت حملتنا: كان النظام يريد ان يضع حواجز ويعزز النقاط، فبدأنا نجهز حملتنا العسكرية. فبدأت الحملة العسكرية في الشمال وبدأت حملتنا العسكرية في نفس التوقيت، لكن لم يكن هناك تنسيق قبل ذلك. والحمد لله، بفضل الباري، كان النصر من الله. توحدنا كمعظم المجموعات تحت اسم "غرفة العمليات المشتركة" وتركنا معظم المسميات. كنا نعمل تحت اسم فزعة شباب الجبل وحالياً تعمل معاً وتوحدنا في السويداء تحت اسم غرفة العمليات المشتركة.
لم نأخذ فرصة، لا. كان أجدادنا من الثوات القديمة مثل سلطان باشا الأطرش: كانت كل معركة ستبدأ في السويداء وستنتهي في السويداء. كانت شعلة الثورة وشرارتها في السويداء: كانت السويداء ركيزة دمشق ومنطقتها الجنوبية، وكان الكل يراهن عليها. لما وقفت السويداء ودرعا والمنطقة الجنوبية يداً بيد، سقطت دمشق. كنا الفصائل الأولى التي نزلت على دمشق قبل وصول اي فصيل أو هيئة أخرى.
س: ماذا يشرح الانهيار السريع للنظام في الجنوب وخاصة في السويداء؟
ج: كسرنا النظام من الداخل. أتى معظم الرجال ورجعوا، وكنا نطبق سياسة الحرب الباردة في التعامل معهم. نحن كموحدين {دروز} وابناء هذا البلد، نرفض كل شيء اسمه سفك الدماء: هذا حرام، والقتل حرام بالنسبة لنا. لكن في بعض الاحيان عليك ان تدفاع عن نفسك ضد من يطلق النار عليك. تعاملنا مع الافرعة الأمنية للنظام والثكنات العسكرية ومعظم مجموعاتها من خلال تطبيق سياسة الحرب الباردة عليهم: قطعنا امدادهم وسمحنا لهم بالاستسلام وأرسلنا رسائل اليهم: حافظوا على أرواحكم وأموالكم وارحلوا بسلام وسيكون لكم أمان في الخروج من السويداء. ولكن معركة قوية حدثت بيننا وبين المخابرات الجوية. رفضت الجوية الاستسلام، إلا أنّها رضخت عندما تعرضت لضربات من أكثر من جهة. أحسوا بالسخونة: عندما تحس بالسخونة، تستسلم.
س: اي فصائل مشاركة في غرفة عمليات المشتركة؟
ج: تكونت غرفة العمليات المشتركة بدايةً من الفصائل المشاركة في المعركة فقط: الفصائل المحلية. بعدما اخرجنا النظام المتوحش من هنا، دمجنا بعض الفصائل الأخرى التي كانت تعمل على الأرض قبل "معركة الحسم"
شاركت معظم الفصائل في القتال، ولكن أبرز الفضائل كانت:
فزعة شباب الجبل
سرايا الجبل
تجمع أبناء الجبل
قوات شيخ الكرامة
حزب اللواء
القاهرون
فزعة فخر
وطود الجبل
وفصائل من أهلنا بالعشائر بقيادة الاخ المجاهد أبو عمار عمر الصبرة.
س: ما هو دور فصيلكم في محافظة السويداء بعد اسقاط النظام؟
ج: هنا لا نتكلم عن دور فصيل فزعة شباب الجبل، بل كل الفصائل: حماية الممتلكات العامة والخاصة، حماية الدوائر الحكومية وحماية حدود الجبل {جبل الدروز/جبل الدروز}. أسسنا لجناناً وكل لجنة تستلم قطاعاً، لكي يعمل السياسيون والخبراء على اعادة اعمار البلد ونرجع الحياة أفضل مما كانت عليه سابقاً.
س: كيف الوضع الخدمي والانساني والأمني في السويداء؟
ج: نستطيع ان نقول إنّه أفضل من قبل، لأنّ هناك الكثير من الأشياء التي كشفناها بعد اسقاط هذا النظام. هناك مدراء للخدمات أوقفنا عملهم بسبب الفساد في الكثير من الأمور التي اتضحت لنا. بدأنا نحاسب الناس. على سبيل المثال في المشفى، لاحظنا الكثير من الأدوية السرطانية التي كانت قد انتهت صلاحيتها، وكانوا يعرضونها ويبيعونها. كان هناك ناس فاسدون في المشفى الوطني يبيعون هذه الأدوية. بالنسبة للخدمات، فلا ينبغي علينا أن نتدخل في شؤون المدير الذي يخدم شعبه ومن يخدم الناس بكل شرف ونزاهة. من يظلم سيُحاسَب.
س: رأينا أنّ القوات الإسرائيلية دخلت الى الأراضي السورية في درعا والقنيطرة. هل تستعد فصائل السويداء للذهاب الى الجبهات من أجل مواجهة الاحتلال، أو يمكن القول إنّ الحل السلمي والتفاوض أفضل؟
ج: لا مواجهة بيننا هنا وبين إسرائيل، ولا خلاف بيننا وبينها. نحن كموحدين دروز لدينا الكثير من الأقرباء في الجولان وكرميل والمناطق ذات الغالبية الدرزية في أراضي ٤٨ {فلسطين}. يعيشون حياة الكرامة وليست إسرائيل نظاماً يطغو عليهم. لا تفعل إسرائيل ما كان النطام يفعله هنا. لماذا نريد أن نواجه إسرائيل؟ لماذا؟ وهذا القرار ليس بأيدينا، هذا القرار خارج أيدينا. ولكن أهلنا في الجولان كانوا أكبر دعم لنا في هذه الثورة. قدروا أن يحركوا الطيران الإسرائيلي ليكون دعماً جوياً لنا، وهم يساعدون معظم اهلنا في السويداء. لا أريد أن اوضح لك أكثر من هذا، ولكننا نريد السلم ولا نريد حرباً.