منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة قامت العديد من المبادرات الخيرية في العالم الإسلامي دعماً لغزة بوجه الحملة الإسرائيلية العسكرية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: حملة "جاهد بمالك" التي تأسست في شمال غرب سوريا، بمعنى أنّ التبرع هو نوع من أنواع الجهاد. واستملت الحملة تبرعات من عدة جهات منها بعض الكتل المهاجرة في سوريا.
وأجريت مقابلة مع الحملة من أجل تسليط الضوء الموضوعي على أهداف الحملة والتبرعات والانجازات ومواقفها من الوضع الحالي. واليكم المقابلة.
١. متى تم تأسيس الحملة والحملة بقيادة من؟ وهل تكون الحملة تابعة لفصيل او مؤسسة معينة؟
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فجزاكم الله خيرًا لهذه المقابلة الطيبة، التي أرجو الله تعالى أن يجعلها في موازين حسناتي وحسناتكم، ولا أطيل على القارئ الكريم؛ فأشرع في إجابة السؤال الأول، والله الموفق:
بدأت حملة إغاثة أهل غزة بعد معركة طوفان الأقصى مباشرةً، وذلك في العاشر من أكتوبر 2022م، حيثُ ساهم في المبلغ الأول للحملة الإخوة مجاهدو الحزب الإسلامي التركستاني في بلاد الشام بمبلغ قدره 500$، ثم تتابع الخير من أهل العطاء أنصارًا ومهاجرينَ في بلاد الشام، ولم يكن مسمى الحملة "جاهد بمالك" إلا في مطلع شهر نوفمبر حيث احتاج العمل لتنظيم أكثر، وترتيب إعلامي يشتغل من خلاله فتم ترتيب لوازم ذلك والإعلان عنه ببيان رسمي منشور في قناة الزبير الغزي.
والحملة مستقلة لا تتبع لأي جهة في الساحة، ويشرف عليها عدد من طلاب العلم في الشام وغزة، على رأسهم أبو عبد الرحمن الزبير الغزي.
٢. ما هي أنواع التبرعات التي تقبلها الحملة ومن أين أتت معظم التبرعات؟
تقبل الحملة التبرعات المادية النقدية، سواء بالنقد المباشر أو عبر العملات الرقمية، ولا يوجد لدينا في الحملة طريق للتبرعات العينية للأسف، وبالنسبة للأموال يتم إرسالها عبر العملات الرقمية إلى غزة وتنفيذ المشاريع فيها ومن ثَم إرسال المعلومات حول المشاريع الى المتبرعين.
ومعظم التبرعات جاءت من إخوة مجاهدين في الداخل السوري المحرر؛ حيثُ يأتون بها من أموالهم في بعض الأحيان، ومن أموال معارفهم المتبرعين من الخارج الذين يثقون بهم فيرسلون لهم الأموال ويسملوننا إياه لتوصيلها لأهلها مع توثيق النشاط المطلوب تنفيذه.
وكذلك وصلتنا تبرعات عبر حساب الزبير الغزي من غالب دول العالم من شرقه إلى غربه، ومن دول العرب والعجم، ومن أمريكا وأوروبا وروسيا وأوكرانيا؛ فقد وصلنا خيرٌ كثير من غالب بلدانِ العالم والحمد لله.
٣. كيف استعملت الحملة التبرعات نصرة لفلسطين بالضبط؟ مثلا ما هي اهم انجازات الحملة؟
نحمد الله الذي منَّ علينا بأن كنا الجهة الأولى التي أوصلت الإغاثة لأهل غزة بعد الحرب مباشرةً وقبل أن تبدأ أي جهةٍ أخرى بذلك، وكذلك فقد كانت الجهة الأولى التي أعلنت عن التبرعات في الشام ولا زالت تفتح أبوابها للمتبرعين حتى اليوم، وجمعت مبالغ كثير أوصلتها لغزة بفضل الله تعالى.
وكذلك من فضل الله علينا أنها لم تزل حتى اليوم منذ بداية الحرب مستمرة في هدفها الذي قامت عليه وسعت في تحقيقه من إغاثة الملهوف وإعانة المحتاج ورعاية أهالي الشهداء وإطعام الجائعين وكسوة المحتاجين وتجهز المجاهدين.
وقد وصلت الحملة إلى كل مناطق القطاع بلا استثناء؛ سواء شمال غزة المحاصر، أو جنوبه ووسطه، وغطت كافة المشاريع من التوزيع النقدي إلى الكسوة وتجهيز الخيام والخبز والماء وتوزيع الغاز وإطعام الطعام وذبح النَّعم، وتجهيز المساجد وترميم مراكز الإيواء، وصولًا إلى شراء ألعاب الأطفال والحقائب والهدايا لهم، فضلًا عن عنايتها بكفالة الأيتام والأرامل.
ونتحفظ حاليا عن ذكر الإحصاءات الدقيقة عن الحملة حتى تنتهيَ الحرب على خير؛ لتقدرَ الحملة على المواصلة بحول الله تعالى.
٤. ما موقفكم من الفصائل الفلسطينية مثل حماس وحركة الجهاد الاسلامي؟ مثلا يقول البعض ان دعمها لا يجوز بسبب ارتباطاتها بايران. ما موقفكم من ذلك؟
معتقد أن الفصيلين المذكورَين فصيلَين مسلمَين، عندهما كما هو عند غيرهما شيءٌ من الأخطاء التي لا تمنع نصرتهما في مواجهة العدو اليهودي المجرم الذي صال على الدين والعِرض، وحماس أحسن حالا من الجهاد، وموقفها من إيران سياسي؛ بخلاف الجهاد الإسلامي التي أصابها شيء من دخن التشيع السياسي بل والعقدي عند بعض أفرادها وإن كانوا قلة.
ولكن بالجملة فالحركتان مسلمتان سنيتان، وما فيهما من أخطاء لا يمنع نصرتهما؛ فالله تعالى يوجب نصرة المسلم المبتدع الذي يواجه الكافر الصائل على الدين والدنيا؛ كيفَ والحال اليوم بلاء عم وطم، وهجمة ضربت بأطنابها عموم المسلمين في فلسطين وغزة؛ ألا إن الواجب الشرعي يحتم علينا نصرتهم، وذكر حسناتهم؛ فالمعركة اليوم لا تبيح لنا كر الأخطاء، والتغني بالمثالب؛ فلكل مقامٍ مقال، والمقال اليوم مقال النصرة والدعم والمؤازرة، كما أن مقالنا بالأمس قبل الحرب كان مقال النصيحة والنقد والمخالفة لهم، فمن نصحته بالأمس وجب عليك أن تنصرَه اليوم.
٥. نرى في الجامعات الغربية دعماً كبيراً للقضية الفلسطينية، بما في ذلك بعض الطلاب اليهود والمثليين. هل ترحبون بهذا الدعم من الطلاب اليهود والمثليين؟
في الحديث الصحيح: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، وهذا الموقف من بعض الكفار في نصرة المستضعفين من المسلمين في فلسطين؛ موقفٌ حسن طيب، يُشكرون عليه، وهو من الفطرة التي أودعها الله في نفس كل إنسانٍ بكراهية الظلم والشفقة على المظلومين، وقد فرق الله تعالى بين الظالم والمظلوم من الكفار فقال في سورة الممتحنة: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}؛ فنحن نفرحُ بفعلهم ونشكرهم عليه، ونقول لهم: إنَّ دينَ الله تعالى هو أكمل دين، وهو الدين الذي يجعل أصحابه يقاومون الظالم؛ فالتحقوا بدين الله، وتعلموا مسائله، فإن في قلوبكم بذرة خير نرجو الله تعالى أن تقودكم لهذا الدين الحق.
٦. أخيراً ما هو جوهر القضية الفلسطينية؟ هل هي عبارة عن قضية اسلامية لتحرير الارض والمقدسات من اليهود او هي قضية وطنية في الدرجة الاولى؟
لا شك أن قضية فلسطين قضية إسلامية عظيمة، أخذت عظمتها من المسجد الأقصى المبارك الذي هو ثالث المساجد فضيلة بعد الحرمين، وأول قبلة للمسلمين، والصراع الدائر اليوم فيها صراع عقدي ديني بالدرجة الأولى، وقد شاهد الناس في كل مكان صيحات التكبير التي علت في عنان السماء يوم السابع من أكتوبر وقبله وبعده، وشاهدوا بالمقابل كيف دعم العالَم الكافر المجرمُ اليهودَ في حرب دينية يهوصليبية صريحة سافرة حاقدة على الإسلام وأهله.
وما نسمعه من شعارات وطنية من إخواننا المجاهدين والمسلمين في فلسطين إنما نحمله على المعنى الصحيح الذي هو حب أرض الوطن باعتبارها أرضًا مسلمة أمرنا الله بالمحافظة عليها وجعلها أرضًا مباركة؛ فهذا المعنى لا بأس فيه من معاني الوطنية، ولا يخفى أن من موجبات الجهاد المتعين أن يأخذ العدو شبرًا من أراضي المسلمين؛ فهنا يقاتل الرجل عن أرضه، وهو من أعظم الجهاد؛ لا لذات الأرض، بل باعتبارها أرضا علاها حكم الإسلام فصار لها من القداسةِ والكرامة ما يوجب بذل الدم لاسترجاعها من المحتل الكافر.
والله الموفق