تستمر المظاهرات ضد الحكومة السورية وسياساتها في محافظة السويداء الجنوبية لمدة أسبوعين تقريباً، وهي غير مسبوقة من حيث أعداد المتظاهرين وانتشارها في المحافظة والدعوات العلنية الى التغيير السياسي، إلا أنّ المظاهرات تثير أسئلة حول اتجاهها المستقبلي وما تستطيع ان تحققه.
ومن أجل نقاش المظاهرات، أجريت مقابلة في تاريخ 30 آب 2023 مع أشرف جمول وهو منسق فصيل السويداء المحلي "فزعة شباب الجبل" الذي ينسق مع فصيل فزعة فخر وأعلن عن دعمه لمطالب المظاهرات بشكل عام.
س: لو تزودنا بصورة مختصرة عن فزعة شباب الجبل؟
ج: نحن تشكيل فزعة شباب الجبل، ولكننا لم نسمِّ أنفسنا هكذا، بل سمانا عزوتنا هكذا. نحن مجموعة من الأصدقاء: أصدقاء الطفولة وأصدقاء المدرسة وأصدقاء الدراسة. نجتمع يومياً، كما تعرف، مثل اي شباب يجتمعون ويسهرون مع بعضهم بعضاً. في هذه الأوقات صارت الأزمة والحوادث والوقائع وانجر البلد الى حرب وانجر الى أزمات كثيرة، وضمن الحرب صارت بؤرة كبيرة من الويلات: السرقات والنصب والاحتيال والحروب على الجبل من الخارج أيضاً. بدأنا نفزع للناس كما يقولون. ما كنا منتمين الى اي فصيل، أو عرض علينا الانتماء، إلا أنّنا لم نرد ان ننتمي الى أي فصيل، لأنّ اغلب الفصائل هنا تفرقت. فدخلت الأيدي العابثة وفرقتها، والذين لم يفرقهم الفاسدون في الأفرع الأمنية، فرقهم الفلوس أو المال الآتي من الخارج.
لذلك اتحدنا مع بعضنا بعضاً وبما أنّنا فزعنا للناس، صار الناس يسموننا بفزعة الشباب. لاحقاً سمونا بفزعة شباب الجبل لأنّنا فزعنا للكل. ليس لدينا هذه العقلية: فلان تابع لفلان، فلا يمكننا ان نساعده. ما نسير عليه هو طريق أهلنا وأجدادنا من زمان. نحن يد واحدة ونموت ونخلق عند بعضنا بعضاً، ونربي بعضنا بعضاً كبني معروف أو الموحدين الدروز. لذلك ليس لدينا هذه العقلية: فلان تابع لفلان. الانسان المظلوم أو الذي يعاني من الظلم، نقف الى جانبه، وحتى لو ظلم أحد أصدقائنا شخصاً في الجبل، فنعترض لهذا الفعل ونقف في وجهه.
س: في أي معارك شارك الفصيل وما هو عدد الشهداء؟ ما هي أبرز الإنجازات للفصيل؟
ج: نحن كفزعة شباب الجبل شاركنا مثل أي انشان ذي قلب شريف نحو هذا البلد، لن أقول في كل المعارك، لكن في معظم المعارك. بالنسبة للشهداء مباشراً من بين أصدقائنا، لدينا الكثير من الأصدقاء الذين راحوا، ولدينا إخوة، واي شخص استشهد في جبل كرامة الأرض والعرض هو أخونا وصديقنا، واي شخص يفزع، نحن نتبع له وبمعيته. ليس لدينا أشخاص معينة ممن ينتمون الى الفزعة فقط أو يكونون محصورين على الفزعة، ولكن أي شخص يأتي ويقف معنا للحق، فهو جزء من هذه الفزعة.
بالنسبة للمعارك، فأخبرتك. أما الإنجازات باسم فزعة شباب الجبل، فكنا مختفين بعض الشيء عن أنظار الناس وطريق النشر، لأنّ هذا الأمر، كما يقولون، يتضمن المشورة بين الأصدقاء، ولا نحب أن نخرج ونفزع للناس ونقعد وننشر عن هذا الأمر. لكن ما نشرناه وما هو آتٍ، فكان عن طريق معية الاخ أبي أمير. لما صارت حادثة الزلزال في حلب، فكنا الأوائل المبادرين في هذا الأمر بنزلاتنا: بعد الزلزال باليوم الأول واليوم الثاني واليوم الثالث، كنا نبعث سيارات بعثانية من هنا: سيارات كبيرة مشحونة بمساعدات، وبالطلع كلها من حر مالنا. أتتنا كمية صغيرة من الدعم، كما يقولون، الدعم الداخلي من بعض الأصدقاء، لكن بالنسبة لأغلب الدعم، لم نقبل إلا بالدعم العيني، لأنّنا لم نرد ان يوجه أحد الأصابع الينا ويقول إنّ المبالغ المالية تصل الينا ويتهمنا أحد بالسرقات. لذلك لم نقبل إلا بالدعم العيني، ونشرنا عن هذا الأمر ووثقناه بفيديوهات، إلا أنّه ممنوع أن يتم نشر هذه الفيديوهات أبداً على النت وليس من الحلو أن نوفر المساعدة وننشر عن الأمر: هذا الشيء غير أخلاقي بالنسبة لنا كشباب. قبل حادثة الزلزال، عندما انقطع طلابنا في اللاذقية وحلب، بادرنا في ارسال بولمنات (باصات) من هنا. بالطبع فزعت كل الناس وما قصرت. لا أقول إنّنا الوحيدون الذين عملوا على هذا الأمر أو كنا الوحيدين الذين فزعوا. فزعت كل الناس مثلنا: كانت الناس ترسل يولمنات، ومن لم يقدر على ارسال بولمان، أتى بسيارته. كان الطريق صعباً مع الثلج. تكلفت كل الجهات وكل الفصائل ونزلت بالشوارع وفزعت في هذا الأمر.
س: الفصيل مستقل أو تابع لفصيل آخز؟
ج: نحن كمجموعة نقول إنّ مجموعة فزعة شباب الجبل مستقلة. تبعيتنا الأولى هي لرب العالمين، وتبعيتنا للناس الأوادم، وتبعيتنا للمشايخ الأفاضل الذين وقفوا موقف الحق وموقف الكرامة وموقف الشموخ نحو هذا الجبل. ونتبع لشرفاء هذا الجبل. أي انسان نعلن عن تبيعتنا له فيما يخص موقفه، فنقوم بذلك من أجل دعم هذا الإنسان ما دام يحمل هذا الموقف، وبالطبع في هذه اللحظات، إذا تغير موقف هذا الانسان، فنغير موقفنا منه. بالنسبة للتسليح والدعم المادي، الحمد لله نشرت عن هذا الموضوع سابقاً: لا يفضل علينا أحد بليرة سورية أو طلقة أو سلاح: كل ذلك من حر مالنا. لم نقبل باي دعم خارجي: أو حتى أكون أصح في تعبيري، سُهّل الأمر لنا ولم نقبل، لأنّ بعض الدعم الخارجي كان مشروطاً بقيامنا بأشياء لا تناسبنا. لا نحب أن يفرض علينا أحد شيئاً، وأتانا دعم داخلي ولم نقبل به، حيث رفضنا أن يفرض أحد أموراً علينا. نعمل ونسلح أنفسنا من الداخل. بالنسبة لتبعيتنا لأحد الفصائل، فنتعاون مع كل الفصائل التي تحرص على الأرض والعرض، لا بالكلام وانما بالأفعال على أرض الواقع، لأنّ تبعيتنا لأغلب الفصائل هي من حيث الكرامة. لا نحدد أي فصيل لنكون مع ذلك الفصيل فقط، بل نكون مع الشرفاء في الجبل.
س: حالياً تجري مظاهرات في السويداء: ما هي أهم الأسباب وراء المظاهرات؟ ما هو الحل لهذا الوضع؟ مثلاً يدعو بعض المتظاهرين الى انتقال سياسي ضمن القرار 2254 {الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة}. هل يدعم فصيلكم هذا الموقف؟
ج: بعد غلاء الأسعار للمحروقات وارتفاع سعر الخبز، قام الشباب باعتصام ولديهم مطالب محقة: مطلب كل انسان، مطلب أهلنا، مطلب إخوتنا، مطلب أولادنا بالتراجع عن هذه القرارات وتحسين الوضع المعيشي. هناك الكثير من الفئات ركبت الموجة. إذا انتهبت عن طريق الصور، رفع البعض راية: يسميها البعض راية الثورة، ويسميها البعض راية الانتداب. هناك من رفع علم سوريا، وأهم راية عندنا هي بيرق الحدود الخمسة {الراية الدرزية التي تمثل ألوانها المبادئ الكونية في الدين الدرزي}. الراية الوحيدة التي تمثلنا كفصيل هي راية الحدود الخمسة. هذا الأمر معلوم. الحل لهذا الوضع الذي نحن فيه هو التراجع عن قراراتهم {أي: القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة السورية}. كلما أصدرا قراراً، فيغرقون الناس بالجوع ويغرقون الناس بحرب أصعب من حرب السلاح: ألا وهي حرب التجويع. ما ضل أي واحد من شبابنا هنا: كلهم موزعون في السفر. ما هي الأسباب؟ الله أعلم.
بالنسبة لقرار 2254، فلا نستطيع أن نقول تحديداً هل ندعمه أم لا. نأخذ موقف الجمهور على أرض الملعب: في بياناتنا السابقة إذا قرأتها على صفحتي، فندعم المتظاهرين الذين يطالبون بمطالب محقة، من دون الانجرار الى سفك الدم. انا مع مطلب بفتح معبر لنا مع الأردن، مع مطلب بدعم للسويداء، مع مطلب بتأسيس معامل، مع مطلب الخ. أقول هذا لك بلساني الشخصي: لا يهمني من يجلس على الكرسي. يهمني أن يكون الوضع في السويداء وسوريا بشكل عام والسويداء بشكل خاص جيداً. ينبغي أن يكون لدينا معبر، ويكون لدينا تسويق. بالنسبة للقرار والانتقال السياسي، قلت لك: نتفرج لهذا الأمر. ترى ما يحصل في الشمال: كيف أنّ قسد انشغلت بانتفاضة العشائر. ان قلنا إنّنا مع هذا القرار، فستكون هناك ذبحة بينما يتم تشكيل حكومة جديدة وتستلم حكومة جديدة مهامها. بالنسبة للانفصال {عن سوريا}، قال أجدادنا لنا: ارتبطوا بهذه الأرض وأماكن سوريا. ليس لدينا بعد النظر الذي كان عندهم، وما زلنا نقول للشباب: إذا استطعنا أن نحافظ على ما فعله أجدادنا من أجلنا، فهذا هو أكبر انجاز: أن نقوم بأفضل ما يمكننا. لقد قدم أجدادنا تضحيات كبيرة وقدموا دمهم حفاظاً على هذه الأرض، وعلينا ان نحافظ عليها. مهمتنا هذه صعبة جداً.
س: هل تتوقع أنّ المظاهرات ستؤدي الى تغيير حقيقي على الأرض؟ كيف بالضبط؟
ج: بالنسبة للمظاهرات أو الاعتصامات، فاذا لم يكن هناك ضغط، فلا اعتقد أنّها ستؤدي الى شيء، لأنّ التظاهر في ساحة الكرامة أو حمل اللافتات فقط ورفع الصوت هكذا من دون الضغط لن يجيب أي نتيجة. أمّا المتظاهرون الذين ينادون بالإسقاط {إسقاط النظام} من دون التحرك العسكري، فلن يجيب هذا نتيجة. لا أقول هذا من أجل التجييش، بل أقول كنقطة عامة: لن يأتي الحق من دون سيف ومن دون قوة.
س: رأيت في بيانكم المشترك مع فزعة فخر أنكم حذرتم من "داعش الداخل". من هم بالضبط ولماذا تسموا هكذا؟
ج: بالطبع نحن كفزعة شباب الجبل ننسق مع أخينا وصديقنا وأبي أمير أسامة علبي. ومعه ننسق تنسيقاً كاملاً مع شرفاء الجبل، مع سرايا الجبل، وأكثر من فصيل. ومن نحس ونجزم أنّهم يمشون من أجل كرامة الجبل، فننسق معهم من أجل هذا الأمر. كنا نحذر من دواعش الداخل أكثر من دواعش الخارج، فكما يقول المثل: احذر من عدوك مرة، واحذر من صديقك ألف مرة. ما نقصد بدواعش الداخل: أي مؤسسة حكومية فيها فاسد، فهذا داعشي، وخطر على المجتمع. أي رجل دين فاسد يعتو على أهل بلده أو أهله، فهذا داعشي. أي انسان متشيخ ومستر بزي ديني ويعتو على أهل بلده، فهذا داعشي. واي انسان يحمل السلاح ويسلمه وينسق ويهربه خارج السويداء، فهذا داعشي. أي شخص يتطاول على لقمة أهل بلده، فهذا داعشي.