من المعلوم ان ما يبقى من مناطق تحت سيطرة "المعارضة" في شمال سوريا (اي مناطق إدلب وما حولها وريف حلب الشمالي من عفرين الى جرابلس وما بين تل أبيض ورأس العين) يدين ببقائه في الغالب الى وجود القوات التركية على الأرض والامدادات من تركيا عبر المعابر الحدودية، كما هناك دعم تركي بدرجات متنوعة للتشكيلات المسلحة الأكثر "إعتدالاً" والتي أصبحت اما جزءً من "الجيش الوطني السوري" واما انضمت الى "الجبهة الوطنية للتحرير" التي هي حليفة هيئة تحرير الشام ي إدلب وما حولها. وتتعاون تركيا مع هيئة تحرير الشام في تنفيذ الاتفاق لوقف اطلاق النار والذي تم إبرامه مع روسيا، في إدلب وما حولها.
ولكن كل ذلك لا يعني انّ الآراء في دوائر الحكومة التركية واحدة أو تيقن بطبيعة الخطة على المدى البعيد بالنسبة لهذه المناطق ي شمال سوريا. لو تكلمنا بشلكل واقعي، فلقلنا انّ احسن ما تستطيع المعارضة والفصائل المسلحة ان تتمناه هو بقاء تركيا في المنطقة الى أجل غير مسمى فيسمح ذلك لها بان تنتظر انهياراً محتملاً للحكومة السورية، أو توافق الحكومة السورية على حلّ نفسها ضمن اجراءات "انتقال سياسي". وفي المقابل، من وجهة نظر الحكومة السورية، فإنّ أحسن ما تستطيع ان تتمناه من أجل تقدم مصالحها في سوريا قد يكمن في تحقيق نوع من التفاهم والتعامل مع تركيا.
وقد يدعم البعض في الحكومة التركية الخيار الأول، وقد يدعم البعض الخيار الثاني. وفي الغالب الرأي التركي الحكومي معقّد ومنقسم ومتأثر بعدة عوامل منها تعامل تركيا مع روسيا في سوريا والغضب المتزايد في تركيا من اللاجئين السوريين. وصار هناك الكثير من الكلام بشأن احتمالية اطلاق عملية تركية مجددة تستهدف مناطق في محافظة حلب تحت السيطرة الكاملة أو الجزئية ل"قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من قبل الولايات المتحدة. ومن المعقول ان نفترض ان روسيا لن توافق على العملية الا اذا تصب بصورة أو أخرى في مصلحة الحكومة السورية، ومن المحتمل ان تشرط روسيا على تركيا التعامل مع الحكومة السورية في دمشق.
وفي الفترة الأخيرة أثار وزير الخارجية التركية مفلوت كافوسوغلو الكثير من الجدل ضمن المناطق تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا وذلك بسبب دعوته (على ما يبدو) الى "المصالحة" بين الحكومة السورية والمعارضة. ومع انه غير واضح ما هو نوع "المصالحة" الذي يتصوره، في الغالب يثير كلامه بالنسبة للكثير من المعارضة السورية ذكريات "المصالحات" التي سمحت للحكومة السورية بان تفرض سلطتها من جديد في مناطق ريف دمشق ودرعا. فبعبارة أخرى، يُعتبر مثل هذه المصالحة القبول بعودة سلطة الحكومة السورية. فلا عجب ان هذا الكلام أثار مظاهرات في شمال سوريا، ومن غير المرجح ان يسكن المتظاهرون الى استمراره في استخدام هذا المصطلح حتى بعد توضيح الدعم التركي المستمر للمعارضة.
كما انّ هذا الكلام أصبح عبارة عن نقطة تحول حيث عبّر البعض عن خيبة أمله العامة في نهج تركيا ازاء شمال سوريا. وفيما يلي أقدّم لكم مقابلة مع واحد من مرتبات "القوة ٥٥" ضمن الجبهة الشامية (وهي جزء من "الجيش الوطني السوري" المدعوم من قبل تركيا). ويتحدث المصدر عن خيبة أمله في تركيا ويدعو الولايات المتحدة الى حل محل تركيا كالجهة الداعمة الرئيسية للمعارضة في شمال سوريا. ويُذكر انّ الولايات المتحدة دعمت بعض عناصر الجبهة الشامية في الماضي.
ويقول المصدر انّ آراءه تمثّل آراء الشعب. تم اجراء هذه المقابلة في تاريخ ١٥ آب ٢٠٢٢.
جانب من المظاهرات الشعبية في أعزاز ضد تصاريح وزير الخارجية التركية |
س: ما هي اخبار القوة ٥٥ حاليا؟ هناك الكثير من الكلام حول احتمالية اطلاق عملية جديدة ضد قسد في منبج وتل رفعت. ماذا صار؟ تتوقع ان عملية ما ستحدث؟
ج: ولله يا اخي تركيا قررت ان تطلق عملية عسكرية وطلبت رفع الجاهزية من الفصائل منذ شهر تقريبا ولكننا تفاجأنا في الفترة الأخيرة من وزير الخارجية التركية حيث يريد ان يحقق مصالحة بين النظام والفصائل
وتركيا والنظام ليس هناك شيء يجمعهما أبداً فنحن ضد هذا الرأي ولا نصالح ابداً وتركيا تعتبر هي خلصت مصالحها من الارضي السورية فقررت أن تصالح. لماذا؟ هل دم شهداء تركيا رخيص على تركيا قبل ان يكونوا شهداء سوريا: شهداءنا الغالين؟ ونحن ضد كل شخص خائن مثل النظام المجرم لانصالح ابداً.
س: برأيي ما تسعى اليه روسيا هو ان تجبر تركيا على القبول بالمصالحة أو التطبيع مع النظام مقابل اطلاق اي عملية عسكرية جديدة ضد مناطق ميليشيات قسد. هذا هو تفسيري للوضع: إنّ روسيا تضغط على تركيا حتى تقوم بنوع من المصالحة مع النظام.
ج: نعم اخي الكريم تركيا اخدت القرار من روسيا وتركيا اخبرت النظام السوري بخصوص المصالحة ولكننا ضد رأيهم نحن منذ 11سنة نحارب ونقدم شهداء لا أحد يوافق على المصالحة. انا لا اصالح من قتل أخي وأبي وأمي وإخوتي واخواتي
قدامنا: أغلى شيء. وسنضل نقدم حتى يسقط النظام المجرم
نحن نريد الولايات المتحدة ان تتدخل الى الاراضي السورية بدلاً عن تركيا وبأسرع وقت. تركيا تسرقنا وتموّت الشعب منذ ان دخلت الاراضي السورية
س: هل تخافون ان تتخلى تركيا عنكم؟ اذا قررت تركيا ان توقف الدعم للجيش الوطني السوري، فتخافون ان يسيطر النظام وحلفاؤه على ريف حلب الشمالي؟ هناك الكثير من الغضب الشعبي من تصاريح تركيا وموقفها من الوضع ي سوريا؟
ج: نعم تركيا عندما صرحت بـ المصالحة خرج الشعب ي مظاهرات وغضب كثيرا. بعد المظاهرات صرح الوزير الخارجية التركية وتراجع عن التصريح للمالصحة ووعد الشعب السوري بان نقدم الدعم ونقف الى جانبكم. لماذا يصرحون كذباً ولم يعملوا شيئاً ولا يقدومن الدعم أبداً؟ لماذا لم يدعموا الجيش الوطني الحر؟ لماذا الرواتب تتأخر؟ كل شهر ونصف أو شهرين الراتب يصل الى 30دولار فقط. هل هذا اسمه دعم؟ كيف يعيش الشعب؟ نعم نريد أمريكا تدخل الى الارضي السورية تركيا تريد مصالحة فقط وباي لحظة سوف تتخلى عنّا حينما تريد.
اخي الكريم تركيا تؤخّر الرواتب عن الجيش الوطني الحر لانّها تريد ان يقلّ الجيش الوطني وتريد إن تنهيه دائما
س: هل يمكن ان أسألك ما هو موقفك من حرق العلم التركي من قبل بعض الناس في ريف حلب الشمالي واعتقال هؤلاء؟
ج: اخي الكريم بالنسبة لتركيا هي تغيرت كثيراً معنا والشعب غضبان من تركيا كثيراً كثيراً وهي تموّت الشعب من كل الاتجاهات
نحن نريد تدخل الولايات المتحدة لتغيّر كل شيء هنا