طبعا خسرت الفصائل في إدلب وما حولها مناطق عديدة منها مدينة خان شيخون ومدن في ريف حماه الشمالي مثل مدينة مورك. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو سبب هذه الخسائر? ما هو مستقبل المنطقة? على الفصائل (وعلى رأسها هيئة تحرير الشام) ان تغير الإستراتيجيا على الارض? وماذا عن الوجود التركي في المنطقة?
لكي اناقش هذه المسائل اجريت مقابلة في الفترة الأخيرة مع مؤسسة أنصار الفرقان وهي منبر اعلامي جهادي ينتقد أسلوب الهيئة خصوصا ويحذر الفصائل من الخوض في المصالح الدولية والتعاون مع النظام العالمي.
س: كيف تقيمون الوضع العام في الساحة الشامية اليوم؟ لماذا خسرت الفصائل مناطق عديدة في الفترة الاخيرة؟
ج: الناظر في حال الساحة الشامية، يرى حقيقةً تحول متسارع للساحة الشامية؛من ثوابت ومبادئ معينة صبغت فيها الساحة الشامية في بدايات الجهاد، ثم تحولت لصبغة أخرى ظهرت عليها في الآونة الأخيرة.
فمن ساحة ثائرة على النظام العالمي، خارجة عن سيطرته، تؤرقه ليل نهار.
إلى ساحة تعتبر ميدان تجارب عملية؛ لمؤسسات مكافحة الإرهاب العالمية.
جُربت من خلالها عدة تجارب عملية تحاكي أساليب جديدة في مكافحة الإرهاب، وصلت في آخرها لنتائج كارثية نجد أثرها اليوم في الساحة الشامية.
وهذه النتائج الكارثية هي التي سببت خسائر وانحسارات متعددة في الآونة الأخيرة.
اتبعت من خلالها أساليب نمطية متطورة لإخراج الساحة من بوتقة الجهاد الإسلامي، إلى مضامير السياسة المتأسلمة؛ التي أدخلت الفصائل في دوامات ليست أهلاً لها، ففرطت بثمار مجاهديها ودمائهم بخوضها مضمار المؤامرات.
فلما تجازوا أمر الله وتركوه، وحالولوا الإنسلاخ عن السنن الكونية، أعيدوا لها صاغرين.
إذ أن خالقهم أعطاهم مفاتيح النجاح والنصر والتمكين، ودلهم على أسبابه، وترك التدبير له والمكر بمن يمكر بهم والكيد بمن يكيد بهم له وأمرهم التزام قرآنه وسنة نبيه،
فلما أهملوا أوامره وتصدروا لمضامير الكيد والمكر، فيما لم يأمرهم الله به، وتركوا أسباب النصر والتمكين الشرعية. أوكلهم الله إلى أنفسهم فخابوا وخسروا بما كسبت أيديهم ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون..
فعملياً تم خداعهم فوق طاولات السياسة، ومكروا بهم وأوقعوهم في مكائدهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
والمؤسف أنهم يستكبرون عن ذلك، وينسبون لأنفسهم نصراً مزيفاً وفتحاً مدعى؛ ليقنعوا أنفسهم بسلامة طريقهم، فجحدوا بها، واستيقنتها أنفسهم..
هذا السبب الرئيسي لخسارة الفصائل هذه المناطق. إلا أنَّ هذه السلبية، نجم عنها إيجابية الوعي الواسع، الذي طال شباب المجاهدين بعد سنوات من الجهاد، حتى صارت شريحة واسعة من المجاهدين تأخذ خطوات حذرة في عملها وتعاملها مع الجهات الأخرى، بسبب التغيرات المفاجئة التي طرأت على الساحة في سنين قليلة. وهذا جانب إيجابي كان مفقود طيلة السنوات الأولى مما كان يشكل عائقاً لنا ويتعبنا في توعية الشباب وتوجيههم، لثقتهم الزائدة والغير محمودة بقرارات المتصدرين للقيادة ولو كانت غير صائبة في ظاهرها.
فهذه الإيجابية من الإيجابيات التي سنعول عليها في خطة تصحيح المسار بإذن الله لمن أدرك خطورة الوضع وانحراف مسير الساحة.
من ساحة ثائرة على النظام العالمي خارجة عنه إلى ساحة بتبعية إقليمية وعميلة لمصالح دولية واضحة وصريحة.
س: ما هو الموقف الصحيح من الوجود التركي في المنطقة؟ هل نعتبر الأتراك جهة مرتدة؟
ج: أما من ناحية موقفنا الصحيح من الوجود التركي في المنطقةومن اللحظة الأولى كان؛ الرفض القطعي، إعمالاً للنص الشرعي واتباعاً له وتسليماً لتوابعه، التي هي المواجهة المباشرة البعيدة عن التكهنات والتحليلات المادية البحتة.
إذ أننا مأمورين وبظاهر النصوص المتواترة بالمواجهة، ووضع الثقل الكامل في ذلك، دون نظر للمآلات. وهذا بحكمة إلهية مرجوة منصوص عليها بالنص الشرعي الواضح.
ومما لا شك فيه أن الأتراك على كفر صريح، هم ومن معهم، ومن ظاهرهم، وسار بأرتالهم، وأظهر رايتهم، أو كان سبباً في ظهورها، وفتنة الناس عن دينها، وشريعة ربها.
وهذا مما كتبناه وأيدناه في مقالاتنا مؤصلاً تأصيلاً شرعياً ومفصلاً تفصيلاً دقيقاً والحمد لله..
س: ما هو احسن استراتيجيا للجهاد في الساحة الشامية على المدى الطويلة؟
ج: وبالنسبة للاستراتيجية التي نستحسنها للجهاد في الساحة الشامية؛ هي تكثيف الأعمال النوعية التي تصيب قلب العدو عن طريق العصابات والخلايا التي تنكل في العدو بشتى أنواع التنكيل المرجو، إذ أن الإمكانيات التي معنا مع وجوب العمل وقلة الحيلة. تفرض علينا هذا الأسلوب في الوقت الحالي، مع التمترس. إلا أن هذا الأسلوب يحتاج إلى الإعداد والتحضير القوي.
نرى أن يتم استهداف الأماكن الإستراتيجية والتموضع بها ووضع الثقل فيها مع تحييد أسلحة الكفرة النوعية بأساليب واستراتيجيات التخفي، والأخذ بالأسباب الشرعية لقلب الطاولة على المتآمرين، والخروج بالشباب المسلم المجاهد من الروح الإنهزامية إلى الروح الإيمانية الجهادية. التي كان الصحابة عليها في غزوات الجهاد الاولى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحروب الردة التي عقد رايتها الصديق أبي بكر، والفتوحات التي أشرف عليها الفاروق عمر.
س: بامكانك ان تتكلم قليلا عن مشروع حكومة الانقاذ? هل يطبق هذا المشروع شرع الله?
ج: طبعاً حكومة الإنقاذ المشكلة بصورة مدنية؛ هي في حقيقتها يد عاملة لجماعة هيئة تحرير الشام، وصورة عنها، تدير الهيئة غالب مفاصلها، وتتستر بستارها في الأعمال التي تعاب على الهيئة اقترافها.
فهي ستر لها وصورة شكلية لتنفيذ ما تستحي من تنفيذه الهيئة بصورتها العسكرية المتأسلمة.
ومن المعلوم لدى المطلعين على حقيقة مشروع حكومة الإنقاذ؛ أنها مشروع بعيد كل البعد عن تطبيق الشريعة الإسلامية الصحيحة السليمة، بل والحكومة واقعة بأمور عدة تثبت انحراف مسلكها.
من فرض المكوس والضرائب، إلى فرض التراخيص، إلى احتكار مصادر الأرزاق، إلى فساد قضائها وجوره وتعطيله لعدد كبير من الأحكام الشرعية، بل واستبدالها أحياناً بحجج واهية، مع إقرارها للمناهج الدراسية المنحرفة، وكذلك تشكيلها لكيان تشرعي سبق وذكرنا تفاصيل قضيته، والرد الشرعي عليه، وغيرها كثير من الأمور التي تنفي إدعاء القائمين على الحكومة: أنهم يريدون من خلالها تطبيق النظام الإسلامي، وحقيقة أقوالهم وأفعالهم وظواهرها هي مخالفات شرعية جلية، تخرجها من توصيف الحكومة الشرعية المعتبر.
والحمد لله رب العالمين