الصنمين ابريل ٢٠١٧ |
يعتقد الكثير بان النظام السوري له استراتيجية كبيرة رائعة لقمع التمرد في النصف الغربي من القطر حيث يتواجد الصراع الرئيسي في الحرب الأهلية السورية. لكن الواقع هو عدم وجود نهج موحد يناسب الجميع٫ ومسالة كيفية تعامل النظام مع المناطق المضطربة الغير مستقرة يعتمد الى حد كبير على المنطقة نفسها والظروف الخاصة بها. على ضوء ذلك نرى بان الصراع العلوي – السني لعب دوره في قرار تعامل النظام٫ ونرى في حمص بوضوح التحول الديمغرافي لصالح العلويين ونزوح المواطنين من الأحياء المتمردة ذات الأغلبية السنية. الاحتمال الكبير على ارض الواقع هو ان رجوع غالبية السكان الأصليين لهذه الأحياء امرٌ بعيد الاحتمال في المستقبل القريب على اقل تقدير. هناك بعض المناطق الغير مرتبطة بهذا العطب الطائفي تراها أصبحت شوكةً في جسد النظام منذ عدة سنوات مثل ضاحية داريا جنوب دمشق٫ والتي من المرجح ان تبقى مهجورة السكان. في الوقع٫ وتزامناً مع كتابة هذه السطور٫ لا تزال داريا منطقة عسكرية لا يقوى أحد على زيارتها بدون تصريح خاص٫ ويشمل ذلك الحجاج الشيعة الذي يرغبون في زيارة ضريح سكينة الذي تم تدميره الى حد كبير.
رغم ذلك٫ فان النظام لا يقدر ان يهجر السكان من جميع المناطق المضطربة٫ وفي مضمون هذا السياق توجد آلية المصالحة٫ حيث يتم الوصول من خلالها الى اتفاق يعيد المنطقة رسميا الى سلطة النظام. تختلف التفاصيل والشروط الدقيقة من مكان الى اخر٫ وربما يعكس ذلك الى درجة ما عمل بعض التجارب. ستركز هذه المقالة على بلدة الصنمين في شمال محافظة درعا حيث تم التوصل الى اتفاق مصالحة نهاية ديسمبر عام ٢٠١٦. من الضروري وفي سياق هذا المقال ان تبدأ المقالة بوصف عام للمدينة وتاريخها خلال الحرب الأهلية السورية.
تختلف منطقة الصنمين عن بعض المناطق الاخرى في درعا بعدم وجود مواطنين من الشيعة فيها٫ وأكثر دقةً من ذلك هو ان جميع سكانها من السنة. يمكن تقسيم سكان مناطق درعا عادة الى عائلات كبيرة او عشائر وهم في الصنمين:
١ العتمة.
٢ النصار.
٣ الفلاح.
٤ اللباد.
٥ الذياب.
٦ الهيمد.
٧ الشطار.
تستضيف المدينة إضافة الى السكان الأصليين عدداً من النازحين داخلياً من القرى المجاورة على مدار الحرب الأهلية السورية.
تحتل منطقة الصنمين موقعاً استراتيجياً مهماً بسبب موقعها الجغرافي. فمن وجهة نظر المتمردين فان الاستيلاء عليها هو أشبه بالحصول على بوابة للاتصال مع المناطق الأخرى التي يسيطر عليها المتمردون في ريف وضواحي دمشق٫ وعند ذاك تكون مركزاً لشن هجوم على دمشق واحتلالها. لكن الحقيقة هي ان هذه الفكرة أقرب الى الخيال بسبب توطيد تعزيزات النظام واحكام سيطرته على الجزء الأكبر من منطقة دمشق منذ عام ٢١٠٣-٢٠١٤ ٫ وكذلك القيود المفروضة على الجبهة الجنوبية (المتكونة من وحدات عسكرية محلية تحت راية الجيش السوري الحر وغرفة عمليات في عمان). اما بالنسبة للنظام فان منطقة الصنمين هي مركز قاعدة الفرقة التاسعة للجيش السوري وتعمل كمنطقة لوجستية لإطلاق النار على مواقع المتمردين في منطقة درعا الشمالية. كذلك نرى بان الصنمين هي موقع اللواء الخامس العشر المرتبط بالفرقة الخامسة للجيش السوري. يضاف الى ذلك٫ فان للصنمين أهمية صناعية لمشاريع التنمية للنظام ٫ حيث كانت موضع نقاش لمؤتمر ضم اتحاد الحرفيين وحاكم محافظة درعا محمد خالد الهنوس. هناك أيضاً بعض الروابط العائلية الشخصية حيث ان رئيس فرع درعا لحزب البعث كمال العتمة هو أصلا من بلدة الصنمين.
على الرغم من عدم شن المتمردين معركة كبرى من خارج المدينة من اجل السيطرة على الصنمين٫ فان البلدة شهدت صعود نجم عدد من الفصائل المحلية المتمردة في احيائها. ليس هذا بالغريب إذا اخذنا بنظر الاعتبار بان المدينة شهدت احتجاجات عدة ضد النظام عام ٢٠١١ مما يدل على وجود استياء شعبي كبير. تم شن حملة عنيفة لقمع الاحتجاجات في نهاية مارس ٢٠١١ أطلقت عليها وسائل الاعلام المعارضة اسم مجزرة.
لم تظهر في بلدة الصنمين أسماء أكثر دراية بالتمرد السوري مثل جبهة النصرة او احرار الشام٫ رغم ان هناك من المتمردين من شاركوا في القتال ٫ هم أصلاً من الصنمين. بدلاً من ذلك نرى ان الفصائل التي ظهرت في الصنمين مستمدة من الداخل ومن أصل محلي. الفصيل الأول هو كتيبة شهداء الصنمين في أواخر عام ٢٠١٢ تحت قيادة أبو فادي الصيدلي (الاسم الحقيقي: محمد جابر العتمة) الذي كان يعمل سائق خدمة سيارات اجرة بين دمشق والصنمين قبل الانتفاضة. تم تشكيل مجموعات محلية أخرى خلال عام ٢٠١٣ مع ارتفاع قوة القوات المتمردة داخل الصنمين٫ ومن أبرزها مجموعة كتيبة نصرة الحق تحت قيادة عبد اللطيف الهيمد الذي درس في كلية الشريعة جامعة دمشق ويدرس التعليم الإسلامي٫ وهذا يفسر استعمال لقب الشيخ عند الإشارة اليه.
بعد فترة وجيزة من تشكيلها ٫ دخلت كتيبة نصرة الحق في صراع مع كتيبة شهداء الصنمين واتهامها بالتورط في سلوك إجرامي من خلال ابتزاز مادي للمدنيين تحت تهديد السلاح٫ مستخدمة زوراً اسم كتيبة شهداء الصنمين تحت ذريعة شراء أسلحة. كذلك لاحظ السخرية في استعمال لقب الشيخ من قبل كتيبة شهداء الصنمين في الإشارة الى عبد اللطيف الهيمد. الجانب الاخر من رواية هذا الصراع يتمثل في تصور الصيدلي بان كتيبة نصرة الحق تشكل تهديداً لنفوذه وسط المتمردين في الصنمين٫ حيث ان اخلاق عبد اللطيف الهيمد تستبعد تورطه في سلوك إجرامي. تم العثور على عبد اللطيف الهيمد ميتاً في ظروف غامضة خارج بلدة الصنمين٫ على الرغم من توجيه اتهامات خطفه واغتياله صوب مجاهدين مجموعة كتيبة مجاهدي حوران التابعة للواء حمزة أسد الله٫ والتي هي بدورها كان لديها صلات مع كتيبة شهداء الصنمين.
ومثل العديد من بيئات المتمردين الاخرى٫ شهدت منطقة الصنمين مبادرات دمج مختلف الفصائل. تم الإعلان عن تشكيل لواء شعلة الثورة في فبراير ٢٠١٤ وأصبح اللقب مرتبطاً ببلدة الصنمين. أعلن اللواء بانه " يعمل في المنطقة الشمالية الغربية لمحافظة درعا" تزامناً مع اشارة الى نفوذه خارج منطقة الصنمين. أعلن بيان التشكيل زعامة يحيى الرفاعي٫ وماهر اللباد نائباً له٫ والصيدلي رئيساً للشؤون المدنية للمجموعة. ربما يفسر التوتر مع الصيدلي عدم مشاركة كتيبة نصرة الحق في المبادرة. وفي وقت لاحق من يوليو ٢٠١٤ شكل ماهر اللباد وحدته الخاصة به وتحت اسم لواء فجر التحرير رغم ان ذلك لم يعني بالضرورة انشقاقه عن لواء شعلة الثورة. تبع ذلك ٫وفي الأشهر اللاحقة لتشكيل اللواء الأول أعلاه٫ الإشارة الى لواء شعلة الثورة ولواء فجر التحرير القيام بعمليات عسكرية مشتركة ضد النظام. لا يزال الرابط بين الاثنين في الآونة الأخيرة استناداً لانتمائهم الى فرقة المشاة السادسة والأربعين للجبهة الجنوبية. الفرق بينهما هو تواجد لواء فجر التحرير في داخل الصنمين حيث يتواجد لواء شعلة الثورة خارجها فقط. اما كتيبة شهداء الصنمين فالظاهر توجهها نحو طريق خاص بها في عام ٢٠١٥ والادعاء بان الصيدلي عمل على تهميش الآخرين ومنهم ماهر اللباد في لواء شعلة الثورة وادعاء القيادة لشخصه. كذلك هناك ادعاءات حول سلوك إجرامي وفرض رسوم ابتزاز مادي على المدنيين.
ومع تطور وجود المتمردين داخل بلدة الصنمين٫ ظهر شكل محدود من مجتمع مدني يتجسد في المجالس المحلية. تم الإعلان عن اول مجلس محلي عبر المواقع الاجتماعية في أوغسطس ٢٠١٣ ٫ وعن مجلس محلي اخر في نوفمبر ٢٠١٣ ٫ ولا يزال هذا المجلس الاخير موجوداً حتى يومنا هذا برئاسة ياسين العتمة (الموجود حالياً في الاْردن) ومرتبط بمجلس محافظة درعا والذي بدوره مرتبط بالحكومة السورية المؤقتة. كان هذا المجلس مرتبطٌ أيضاً باتحاد المجالس المحلية في محافظة درعا (مبادرة تحت قيادة علي احمد الركاب ومقره في منطقة الخليج) ولكنه انسحب منها بعد ذلك٫ وحث جميع منظمات الإغاثة على عدم العمل معه لتقديم مساعدات الى منطقة الصنمين. كان سلطته مستمدة من مناصرة قيادة لواء شعلة الثورة مع صدور تصريح بذلك في نهاية أكتوبر ٢٠١٤. اما المجلس المحلي الذي تم الإعلان عنه في أوغسطس عام ٢٠١٣ فقد أنظم الى اتحاد المجالس المحلية لمحافظة درعا وتمتع بدعم العديد من فصائل الصنمين مثل كتيبة نصرة الحق ولواء أمة التوحيد (المزيد عنها أدناه). لكن في نهاية المطاف وخلال عام ٢٠١٥ ٫ ساد المجلس المحلي تحت قيادة ياسين العتمة بسبب قوة الدعم الذي يتمتع به.
ومع ذلك٫ فيجب الإشارة الى ان رغم الشمولية الواضحة للمكاتب المعلنة للمجالس المحلية٫ فان معظم الخدمات العامة في الصنمين يتم تقديمها من قبل النظام. بدلاً من ذلك اقتصرت فعاليات المجالس المحلية على توزيع الهدايا والمساعدات في مناسبات خاصة هنا وهناك٫ واستناداً الى ياسين العتمة فان مجلسه المحلي الذي يرأسه حالياً الطيب أبو النور على ارض الواقع في الصنمين٫ لا يزال يقدم بعض هذه الخدمات قائلاً لي:" لا يزال المجلس يقدم ما يستطيع عليه من مساعدات الى الأيتام وأبناء المعتقلين٫ وكذلك مساعدات من منظمات وأبناء الخير٫ الذين اخذوا على عاتقهم دفع مبالغ للأيتام". رغم كل ما قيل٫ فان هناك ادعاءات بان ياسين العتمة قد أثرى نفسه٫ هو ومحمد جابر العتمة٫ من خلال الفساد وسرقة أموال المجلس المحلي.
إذاً٫ من أين أتت المصالحة؟
كما نوهت أعلاه٫ اكتسبت قوات التمرد بعض القوة في عام ٢٠١٣. رغم ان النظام استمر في تقديم الخدمات٫ لكن أجزاء عدة من منطقة الصنمين كانت خارج سيطرة النظام الفعلية باستثناء طريق السوق والطريق العام. استهدف المتمردون مواقع النظام وقواعده بالقذائف او القيام بعمليات اشتباك صغيرة نسبياً. حوادث الخطف بدورها كان تؤدي الى عمليات مشابهة من الجانب الاخر وتصعيد الصراع. كانت أسوأ هذه الحوادث مجزرة قامت بها قوات النظام في ابريل عام ٢٠١٣ أدت الى مقتل أكثر من ٦٠ مواطنا في هجومٍ استهدف الأحياء الجنوبية للصنمين. كان المدنيون محاصرون في وسط منطقة تبادل إطلاق النار٫ وعلى سبيل المثال سقطت قذائف الهاون أطلقها المتمردون على موقع مخبزٍ في نوفمبر ٢٠١٥ أدت الى مقتل مدني واحد وجرح العديد.
كانت اوراق الضغط الرئيسي للنظام فرض حصار على الأحياء التي كان للمتمردين وجود فعلي فيها٫ من اجل منع وصول مختلف السلع والحاجيات. انتقمت قوات النظام كرد فعل لاستهداف المتمردين سيارة تقل ضابطاً وعدد من الأفراد٫ بفرض حصارٍ على هذه الأحياء في ديسمبر ٢٠١٥. تشير التقارير ايضاَ ان فصائل المتمردين بدورها نفذت الهجوم رداً على احتجاز قوات النظام لشابٍ من الصنمين تم اعتقاله في حواجز النظام حول البلدة. تم رفع الحصار بعد مفاوضات بين فصائل المتمردين وقوات النظام بشرط ان لا يهاجم المتمردون مواقع النظام او افراده. من الشروط الاخرى لهذا الاتفاق هو مشاركة سكان الصنمين في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ابريل ٢٠١٦.
فرض النظام حصاراً جديداً على مناطق المتمردين في الصنمين كرد فعل لتصوره انتهاك الهدنة على ارض الواقع بعد قيام رجلاً يدعى عماد اللباد وجماعته (المعروفة بسلوكها الاجرامي في الصنمين) سرقة عدد من السيارات أحدها تابعة للجهاز الأمني للنظام. استغل النظام هذه الفرصة لحل مشاكله مع المتمردين من اجل التوصل الى اتفاق مصالحة. كانت آراء المتمردين منقسمة حول رد فعلها لهذا الحصار الجديد فقد رفض لواء أمة التوحيد فكرة طرحها المتمردون المتمركزون خارج الصنمين وهي استهداف نقاط العسكرية للنظام داخل البلدة خشية عواقبها على المدنيين. يبدوا ان بعض المتمردين أطلقوا النيران على مواقع النظام من خارج البلدة ولكنها قتلت مدنياً واحداً على الأقل.
كانت نتيجة ضغط الحصار المفروض عاملاً للدخول في مفاوضات ديسمبر ٢٠١٦ والوصول الى اتفاق المصالحة الرسمية في نهاية ذلك الشهر. كان وفيق ناصر عنصراً أساسياً في مفاوضات هذا الاتفاق٫ وهو رئيس المخابرات العسكرية (الامن العسكري) في جنوب سوريا. وفيق ناصر شخصية غير محبوبة من قبل الكثير ومنهم الدروز الحياديين في محافظة السويداء المجاورة بدرعا حيث يمتد نفوذه. الشخصية الأخرى التي لعبت دورها في المفاوضات هو زعيم الفرقة التاسعة للجيش السوري. اما الوسطاء في اتفاق المصالحة فهم جمال العاشة رئيس لجنة المصالحة في الصنمين٫ واخر هو عنتر اللباد ٫ المتهم بالمتاجرة بالسيارات المسروقة وسرقات أخرى ومقرب من وفيق ناصر. كان قد شكل مجموعة صغيرة مؤيدة للمتمردين أولاً٫ ولكن قبل تاريخ الاتفاق بفترة أقام علاقات مع النظام. استعمل نفوذه قبل المصالحة وتم رفع الحصار في نهاية نوفمبر ٢٠١٦. جمال العاشة هو أيضاً من عائلة اللباد ويدعى البعض بان ابنه مع المتمردين المتمركزين في مدينة نوى. تم تسمية كل من جمال اللباد وعنتر اللباد مع عدد من السكان المحليين من قبل موقع زمان الوصل الموالي للمعارضة ٫ ضمن المجموعة التي شجعت الوصول الى اتفاق مصالحة في الصنمين من اجل تجنب حدوث سيناريو داريا. يمكن ملاحظة أسماء أعضاء زمان الوصل بان معظمهم من عائلات الصنمين الكبيرة.
لم يقتضي اتفاق التسوية التزاماً رسمياً بعملية المصالحة من قبل كل مواطن في الصنمين٫ بل كانت الفكرة ان عددٌ معين من الناس سيقومون بالعملية نيابة عن الجميع. يقول موقع المدن الموالي للمعارضة بان فرض الاتفاق تم على قواعد عشائرية: يعني ذلك٫ بان لكل عشيرة تمثيلها في اتفاق المصالحة. من جهة أخرى٫ ادعى موقع سانا (الوكالة العربية السورية للانباء) التابع للنظام٫ في يوم ٢٥ ديسمبر ٢٠١٦ بان ٥١٠ مواطناً منهم ١٨٠ مسلحا نفذوا بتسوية الوضع كجزء من عملية المصالحة حيث قاموا بتسليم أسلحة الى الأجهزة الأمنية. لم يتم اجبار أحد داخل الصنمين على الرحيل الى أدلب او اية منطقة أخرى يسيطر عليها المتمردون.
من أحد الدوافع للقيام بمصالحة رسمية من قبل المتصالحين هو معالجة مشكلة المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية. في هذه الحالة منحت تسوية الوضع عفو رسمي مؤقت. اما من جهة المتمردين٫ فالواضح هو ان ليس كل عضواً او زعيماً لفصيل سلم أسلحته. الحقيقة لم يوجد اَي بند في الاتفاق يطلب ذلك من الجميع, وان اَي مصالحة رسمية من قبل المتمردين يمكن اعتبارها رمزية. كان من أبرز زعماء الفصائل المتمردة الذي تمت مصالحته هو ثائر الفلاح زعيم لواء أمة التوحيد. على عكس ذلك نرى بان أبو فادي الصيدلي زعيم كتيبة شهداء الصنمين٫ لم يتصالح رسمياً على رغم لقائه بوفيق ناصر.
يجب التأكيد على انه في الوقت الذي لم تتم المصالحة وتسوية الوضع لكل متمرد او زعيم فصيل متمرد٫ فان جميع فصائل المتمردين التي تعمل داخل البلدة اتفقت على الالتزام بالوضع الذي فرضه اتفاق المصالحة. هذا الوضع لا يختلف كثيراً عن اتفاق رفع الحصار الذي حصل في ديسمبر ٢٠١٥. وهكذا لا تزال الفصائل موجودة داخل الصنمين وتحتفظ بالكثير من أسلحتها ولكن لا تقوم بهجمات على مواقع النظام او افراده. في الوقت نفسه يوفر النظام الخدمات كالمعتاد ٫ ويحافظ على مؤسسات الدولة في البلدة٫ ويسمح بتدفق منتظم للسلع والبضائع الى جميع المناطق. وكما تم الإشارة اليه أعلاه٫ فان المجلس المحلي التابع لياسين العتمة٫ لا يزال موجوداً على مستوى متواضع جدا كما هو الحال في السابق. علاوة على ذلك لا يتدخل جيش النظام ولا اجهزته الأمنية في الحوادث الامنية والجنائية في البلدة٫ ويسمح للفصائل معالجة هذه الامور٫ في حين يعالج النظام من خلال المحاكم الامور المدنية مثل الزواج. على ضوء ذلك يتجنب النظام اعتقال أحد داخل الصنمين٫ وساعد النظام في تشكيل فصيل جديد داخل الصنمين لمساندته الحفاظ على الامن داخل البلدة٫ وكما سيتم التطرق اليه أدناه.
الفصائل الرئيسيّة داخل الصنمين في الوقت الحاضر هي:
- كتيبة شهداء الصنمين لأبو فادي الصيدلي.
- لواء أمة التوحيد لثائر الفلاح (المعروف أيضاً بثائر العباس).
- لواء فجر التحرير لماهر اللباد٫ على الرغم من ان ماهر اللباد ليس داخل الصنمين. ولكن بحكم الروابط مع لواء شعلة الثورة وفرقة مشاة ٤٦ ٫ هناك وجود لهذه المجموعة خارج الصنمين كذلك.
- كتيبة مغاوير الحق بقيادة أبو زاهر اللباد (الاسم الحقيقي: برهوم محمود اللباد): مجموعة جديدة تم إنشاؤها بعد الإفراج عن أبو زاهر اللباد من السجن وفقاً لاتفاق المصالحة الذي يقضي بالأفراج عن مجموعات من المحتجزين. معظم أعضاء المجموعة أشخاص من عائلة اللباد وتم أنشأوها بمساعدة المخابرات العسكرية.
بالإضافة الى هذه الفصائل هناك جماعات مسلحة أصغر حجماً وعدد المنتمين اليها ما بين ١٠- ١٥ عضواً. هذه الجماعات الصغيرة تشكل مجموعات إجرامية او تعتبر بقايا من فصائل الصنمين الصغيرة من السنوات السابقة. أصر علي محمد خليف زعيم كتيبة درع الصنمين (المعروف ايضاَ باسم لواء درع الصنمين) وممثلٌ عنها٫ على ان مجموعته لا تزال فعالة على الأرض الواقع في الصنمين وذلك ضمن حديث له معي حول مجموعته (كانت المجموعة ضمن الموقعين على دعم المجلس المحلي الذي خسر امام جماعة ياسين العتمة). الا ان ناشطاً إعلامياً٫ وهو أبو الاوراس الشامي٫ أصر على ان المجموعة ليس لها وجوداً على ارض الواقع وتم حلها منذ فترة. الحقيقة ربما هي بين المقولتين. من الجائز بان كتيبة درع الصنمين لا وجود لها ذات معنى على ارض المدينة ولكن ربما لخليف القدرة على دعوة بعض المناصرين له من المسلحين في أوقات المشاكل لنصرته او نصرة احد أفراد عائلته.
الفصائل الأخرى التي من الممكن ملاحظتها تحت اسم الصنمين (على سبيل المثال لواء شهداء الصنمين من تجمع ألوية العمري ولواء صقور الصنمين من الجيش الأول) ليس لها وجود يذكر داخل الصنمين في الوقت الحاضر٫ ولكنها تعمل في مناطق أخرى يسيطر عليها المتمردون في الجنوب. الميليشيات الأجنبية التي تدعم النظام مثل حزب الله لا وجود لها داخل الصنمين ولا تحاول تجنيد المتطوعين من أبناء الصنمين. مع على الاقل في التجنيد الإجباري٫ فان النظام فتح مكتباً في الصنمين يستهدف تجنيد أشخاص في الفيلق الخامس٫ وهو تشكيل تدعمه روسيا ويعتزم تجنيد الأشخاص على أساس طوعي مع فوائد كبيرة٫ ومنهم أولئك الذي قاموا بتسوية الوضع.
على وجه العموم٫ كيف هي الحياة في الصنمين بعد المصالحة؟
في تعليق عام على المصالحة٫ لم يعترض ممثل لمحمد خليف عليها موضحاً: " إذا كانت هذه المصالحة تمنع إراقة الدماء: فإننا جميعاً نرحب بها ... لقد حدثت المصالحة من خلال ضغوط سكان بلدة الصنمين على الثوار في الداخل٫ لان جميع الثوار في الصنمين هم من سكان البلدة".
وبالنسبة للعديد من مناصري المعارضة/ التمرد والناشطين٫ فان عملية المصالحة ليست الا مجرد دعاية ساخرة للنظام. قال عبود الحوراني٫ ناشط مناصر للمعارضة في مكتب "ثوار الصنمين الإعلامي: " ان هذه المصالحة نشأت لأغراض إعلامية لمصلحة النظام فقط ومن اجل ترويج المصالحات في بقية مناطق درعا". يضيف كذلك:" حتى قبل المصالحة كانت الصنمين في حالة وقف إطلاق النار مع النظام (مشيراً الى اتفاق ديسمبر ٢٠١٥) والمشكلة التي نشأت مع النظام كانت على أساس فردي فقط: بمعنى اخر لو ان النظام اعتقل أحد أقارب شخص, فان هذا الشخص سيسبب مشاكل مع النظام مثل خطف أحد الأفراد العسكريين٫ وإطلاق النار على منطقة عسكرية ...لا تزال هذه الحالة قائمة حتى بعد المصالحة. المصالحة هي حركة إعلامية فقط للنظام على قاعدة ان الصنمين قد أصبحت تحت سيطرته الكاملة".
انل تحدثت مع عدة أشخاص اتفقوا مع النقطة الأساسية التي مفادها بان الوضع الراهن يختلف قليلاً عن الوضع السابق (اي قبل الحصار الذي تم فرضه قبل المصالحة مباشرة). في مثل هذه الحالة٫ يشكل وجود فصائل وعصابات مسلحة متعددة دون تدخل سلطة مركزية حقيقية مشكلة كبيرة لأولئك الذين يرغبون فقط في مزيدٍ من الاستقرار والامان وسيادة القانون. في الواقع٫ نرى علاء الدين اللباد٫ أحد الأفراد الذين تمت تسميتهم من قبل زمان الوصل ومن هم وراء الجهود لدفع عملية المصالحة ٫متشائما من الوضع الحالي. لم يكن علاء الدين اللباد يوما من مؤيدي المعارضة ولا يمكن القول بانه يؤيد النظام ايديولوجياً٫ وإنما رغبته الأساسية هي الاستقرار والأمن٫ وقال:" ان الوضع يشبه السكون قبل العاصفة". يضيف شارحاً: " عندما ينتشر السلاح في يد الجاهل٫ فان هناك المزيد من القتل٫ وكذلك الغدر ولابتزاز والسرقة. هذا هو حالنا الْيَوْمَ ". أشار كذلك الي تردي توفير الخدمات مؤكداً بان " هناك ساعة واحدة من الكهرباء الضعيفة المتقطعة لكل أربعة ساعات مقطوعة. الماء يتوفر ٤ ساعات في الأسبوع. غير كافية". توفير الكهرباء الوطنية بنسبة ١- ١.٥ ساعة الى أربعة ساعات بدون كهرباء تم تأكيدها من قبل العديد من مواطني الصنمين.
في هذه المرحلة٫ فان الفصائل الرئيسيّة داخل الصنمين هي جماعات لصالح العشائر٫ وكما أوضح ثائر الفلاح٫" لم يعد لدينا فصائل (سياسية) في الصنمين٫ وإنما تحولت الى فصائل عشائرية: كل مسلح ينتمي الى عائلته ". وهكذا٫ فان مجموعته٫ لواء أمة التوحيد تتكون من أعضاء عشيرة الفلاح التي تستوطن الجزء الشمال الشرقي للبلدة. أبو الاوراس الشامي٫ وهو من عائلة الهيمد٫ يعطينا تقييماً مشابها: في الآونة الأخيرة٫ أصبحت الفصائل المسلحة في الصنمين فصائل عشيرة: اي كل أسرة لديها رجال مسلحين من أبنائها٫ وهدفها حماية العائلة من اَي اعتداء".
ان مخاوف علاء الدين اللباد لا تثير الدهشة حين نأخذ هذه النقطة بنظر الاعتبار بالإضافة الى وجود عصابات إجرامية. وكما أوضح أبو الاوراس الشامي:" هناك العديد من المشاكل الامنية في المدينة من سرقة وخطف واعتداء على الناس بقوة السلاح٫ ولا يستطيع أحد وضع حدٍ لهؤلاء المجرمين". من الأمثلة على هذه المشاكل هي حادثة اثارت اهتمام وسائل إعلام المعارضة قبل شهر لان شملت كتيبة جديدة هي مغاوير الحق. تم تصوير هذا الحدث٫ وهو اشتباك قُتِل فيه شخص واحد وجُرح العديد٫ وتم تقديمه من قبل إعلام مؤيد للمعارضة (All4Syria) على انه صدام على طول خطوط الموالين للنظام والمتمردين (كتيبة "مغاوير الحق" ضد "كتائب الثوار"). الصراحة ان هذا التصوير بعيدٌ جداً عن الحقيقة. الأساس هو ان الحادث كان اشتباكاً بين أفراد من عائلة الذياب وأفراد من عائلة اللباد. تكمن جذور القضية في محاولة شخصين على الأقل من عائلة الذياب – على ما يبدوا أعضاء عصابة إجرامية سيئة السمعة يقودها نديم الذياب – فرض رسوم ابتزاز على صاحب محل مطالبين صاحبه بنصف مليون ليرة سورية مهددين بحرق المحل إذا لم يستجب لمطالبهم. رفض صاحب لمحل تهديدهم واستنجد ببرهوم اللباد طالباً تدخله. أتى برهوم اللباد مع ابو عبدو الشطار واخر من عائلة اللباد ومطالبين العصابة بالانسحاب ولما رفضوا الطلب تم اطلاق النار على رجل واحد منهم. أرسل برهوم بعد ذلك وفذا الى عائلة الذياب لمنع صدامات واسعة. رغم الاتفاق الاولي بينهما٫ حدث هجوم شنه أعضاءٌ من عائلة الذياب على حارة اللباد (حيث يستوطن هذا الجزء من البلدة العديد من أعضاء عائلة اللباد).
ما هو الجدير بالإشارة اليه هو تغطية موقع (All4Syria) للحادث والادعاء بآن كتيبة مغاور الحق تابعة "للفيلق الخامس". تم نشر بعد ذلك بيان على موقع (All4Syria)٫ حيث نفت مغاوير الحق نفياً قاطعاً هذا الانتماء٫ كما هو وارداً أدناه:
ترى في التصريح من النظرة الأولى احتوائه على جميع المظاهر النموذجية لأحد فصائل التمرد في درعا. مستخدمين أسماء " الجيش السوري الحر" و "الجبهة الجنوبية". يتضمن البيات تأكيدات ثورية على النحو التالي: " استعدادنا الكامل للدفاع ضد العصابات الاجرامية الأسدية" و يختتم معلناً:" نصر ثورتنا المباركة". و الشيء المثير للاهتمام في هذا البيان هو ان من كتبه ربما لم يكن أبو زاهر اللباد أبداً, وانما ماهر اللباد الذي كان غاضبا بسبب ما نشر موقع (All4Syria)و اخبر أبو الاوراس الشامي بانه كان يعتزم طلب بيان اعتذار من الموقع٫ حيث اعتبر مقولة الموقع مضرة بعائلة اللباد.
في جميع الأحوال٫ فان النزاع الذي يشمل كتيبة مغاوير الحق تطلب تدخل وفيق ناصر. واستناداً الى ثائر الفلاح٫ فان وفيق ناصر استبعد نفسه والاستخبارات العسكرية من الفصيل في تصريح له لسكان الصنمين. يفسر ثائر الفلاح هذا الاستبعاد بمشكلة هذا الاشتباك مضيفاً:" لا يحظى فصيل مغاوير الحق بدعم شعبي في الصنمين. وافقت البلدة على هذه النقطة". هناك وجهة نظر أكثر تعاطفاً مع الفصيل عرضها علاء الدين اللباد الذي يعرض المجموعة بأنها مكرسة للقضاء على السلوك الاجرامي. من المرجح بان تحيزات الانتماء العائلي تلعب دورها هنا.
تورط فصيل ثائر الفلاح نفسه في اشتباكات خفيفة هذا الشهر حين طلب أحد أعضاء عصابة مسلحة من طبيبٍ علاجه مجانياً مهدداً إياه بالسلاح. لما رفض الطبيب الطلب٫ هاجمه أحد أفراد العصابة المسلحة باطلاق النار على العيادة مما أدى ذلك الى تدخل ثائر الفلاح وتوقف الاشتباك الذي لم يطل أكثر من بضعة دقائق. بعد ذلك قدمت العصابة المسلحة اعتذارها الى الطبيب في قاعدة لواء أمة التوحيد٫ وتم حسم القضية.
ان من الخطأ الافتراض بان جميع الصراعات داخل الصنمين تقع بين أعضاد العائلات المختلفة٫ تماما كما هو الحال في افتراض ان جميع الصراعات داخل العراق وسوريا تحدث بشكل عام على أسس طائفية عرقية ودينية. تم تتويج حالة مؤخراً بمحاكمة وإعدام المتهم بقضاء القصاص شارك فيه أعضاء من نفس العشيرة وهي العتمة. على وجه الخصوص ٫ قتل شابٌ يدعى إسماعيل يحيى العتمة٫ وهو عضو في فصيل أبو فادي الصيدلي٫ أباً وابنه (من عشيرة العتمة) بعد نزاع بينهم. ضغط سكان الصنمين على أبو فادي الصيدلي وتم القاء القبض على إسماعيل العتمة الذي اعترف بجرمه. ما هو المثير للاهتمام٫ وتماشياً مع عدم التدخل العام للنظام في المسائل الجنائية والامنية في الصنمين٫ تم إحالة القضية الى دار العدل٫ وهي السلطة القضائية المتمردة الرئيسيّة في جنوب سوريا. من المؤكد أن دار العدل لا قاعدة لها في الصنمين٫ وتم اجراء الاتصالات عن بعد. فر إسماعيل العتمة من سجنه و تمت إعادة القبض عليه٫ و تم إعدامه فجر ١٨ ابريل تنفيذا لحكم القصاص فيه.
المشاكل الأمنية في الصنمين تحظى باعتراف قيادات مختلف الفصائل الى درجة ما٫ ولذلك كان هناك اجتماع شاركت فيه مختلف الفصائل و وجهاء البلدة. كانت النتيجة الرئيسيّة لهذا الاجتماع هي موافقة الأغلبية على أهمية تشكيل قوة أمنية تشارك فيها جميع الفصائل والعائلات بصورة مشتركة. أشار الاجتماع أيضاً الى الغياب العام لدعم السكان لكتيبة مغاوير الحق٫ التي لا يلتزم عناصرها بسلوك حسن وقيم٫ وكان رأى الوجهاء بعدم وجود الثقة في قيام هذه المجموعة بمعالجة المشاكل الأمنية. مع كل ذلك علينا ان ننتظر ونرى كيف سيتم تشكيل قوة أمنية المشتركة على وجه التحديد٫ وان كانت ستؤدي الى تغيير فعلي على ارض الواقع.
ان الوضع في الصنمين يحمل في طياته العديد من الاستنتاجات التحليلية لتحليل أوسع حول كيفية تعامل النظام مع المناطق المضطربة. ما هو واضحاً بان النظام يعتبر الصنمين نموذجاً يجب استعماله لأسلوب التعامل مع الجنوب المتمرد بشكل أوسع. يواجه النظام مشكلة نقص تعداد المجندين٫ فليس من الممكن الاستيلاء على كل منطقة متمردة وتهجير سكانها بصورة واسعة باتجاه الأردن وزعزعة الموقف الأردني الاقل عداءً تجاه النظام (مقارنة مع بعض اللاعبين الاقليمين في الصراع). بدلاً من ذلك٫ لا بد من الوصول الى نوع من التوافق مع فصائل محلية أكثر مرونة من غيرها٫ ومنحهم بعض الاستقلال الذاتي في إدارة الشؤون الامنية داخل إطار المصالحة٫ وهذا هو الاختيار الوحيد للنظام على ارض الواقع٫ حتى وان كانت حالة الصنمين غير متطابقة تماماً لأنها لم تقع يوماً خارج سلطة النظام بشكل كامل. ولكن يمكن القول بأنها أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية مقارنة بمناطق تمردٍ أخرى يسيطر عليها المتمردون كلياً مثل نوى. اما من جهة المتمردين أنفسهم٫ فهناك عامل الحصار بين قوات النظام وحلفائه من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية الذي يرتبط به جيش خالد بن الوليد من جهة أخرى٫ والذي استغل ضعف فصائل التمرد و ولذلك تقدم في وقت سابق هذا العام. هناك أيضاً الضغط المدني بسبب استنزاف الحرب الذي قد يكون دافعاً للمصالحة.
في الوقت عينه٫ نرى بوضوح ان هذا النموذج لا يخلوا من المشاكل٫ وبالتحديد وصفه مناخٌ خالياً من سلطة القانون الناتج من العدد الكبير للفصائل المسلحة والعصابات. توجد هذه الظاهرة أيضاً في مناطق أخرى خاضعة للنظام بسبب اعتماده على الميلشيات الحليفة٫ وان كان النظام مستمراً في تقديم الخدمات وتوفير الوظائف الحكومية. الفرق الملاحظ في الصنمين عن المناطق التي يسيطر عليها النظام هو غرابة الوضع٫ حيث تعهدت الفصائل المختلفة عدم مهاجمة مواقع النظام والموظفين مع استمرار فعالية مؤسسات الدولة كما هي٫ ولكن المواطنون في نفس الوقت يستأنفون امورهم القانونية عن طريق سلطة قضائية معارضة (دار العدل) لحل بعض القضايا الجنائية على الأقل. اما في المناطق التي يسيطر عليها جيش خالد بن الوليد٫ فما هو واضح من مقولة بعض المدنيين هناك بان هناك فائدة من وجود سلطة جماعة واحدة٫ وهذا يعطي بعض الإحساس بوجود امان ٫و هذا الجانب قد يجعل المجموعة أكثر جاذبية من استمرار سيطرة المتمردين الرسمية او الوصول الى اتفاق مصالحة على نموذج الصنمين.
الصنمين ابريل ٢٠١٧ |
هل يمكن تطبيق إطار المصالحة في الصنمين على امكان أخرى في سوريا٫ و خاصة في محافظة أدلب التي هي اخر مركز للتمرد ضد النظام؟.
هناك الشكوك حول إمكانية حدوث ذلك بسبب تسلط عناصر أكثر تشدداً ايديولوجياً مثل "هيئة تحرير الشام " و "احرار الشام". كان للمجموعتين دوراً مهماً داخل مدن ريف دمشق مضايا والزبداني على حدود لبنان وكان هناك اتفاق اخلاء متبادل في الآونة الأخيرة٫ ولكن المفاوضات كانت استثنائية في طبيعتها بسبب الضغط على إيران في محاصرة بلدتين شيعيتين في ادلب وهما الفوعة وكفرية. وبصورة عامة بالنسبة لهيئة تحرير الشام في أدلب لا توجد هناك اَي ضغوط استثنائية تساعد على مقاومة الهجوم القادم للنظام وحلفائه. من المرجح في نهاية المطاف انها قد تعمل بنصيحة زعيم تنظيم القاعدة في الابتعاد عن فكرة السيطرة على الأراضي والتركيز على تكتيك حرب العصابات.